في حين أننا مازلنا نحاول أن نبقى على قيد الحياة.. هناك في السجون المظلمة والأفرع التي تعبقت رائحتها دماً مازال معتقلينا في " قيد الانتظار" انتظار حفلات التعذيب، انتظار الذل، انتظار القهر، انتظار فتات الخبز اليابس أو المتعفن، انتظار انتهاء صوت الصراخ، انتظار تشافي الجروح، انتظار الموت، وانتظار الحياة..

سجن تدمر وصيدنايا أشهر السجون المظلمة في سوريا وينافسهم فرع فلسطين.

سجن تدمر هو سجن عسكري يقع في أطراف محافظة تدمر، ويعد تحت اشراف الشرطة العسكرية، وصف هذا السجن بأنه "مصمم لإنزال أكبر قدر ممكن من المعاناة والإذلال والخوف بالنزلاء" بحسب منظمة العفو الدولية.               

ارتبط هذا السجن بالرعب والخوف والألم والمعاناة لعقود، حتى قبل أن تبدأ الثورة السورية، سجن تدمر شهد على أشنع المجازر بحق المدنيين والسياس ي ين بالثمانينات والتي راح ضحيتها نحو 600معتقل،  ونُدُ ر أن خرج أحد من هناك على قيد الحياة، ومن خرج لم يعد كما السابق وفي مقولة مشهورة عن ذلك " من دخل إليه مفقود ومن خرج منه مولود "، وهناك روايات واقعية تروي وقائع الأحداث المرعبة والمظلمة التي امتلأت صفحاتها بالألم والذل والقهر والموت.. أشهرها روايتي "سجن تدمر" "القوقعة".

وكتبت نهاية سجن تدمر في عام 2015 بعد أن سيطر عليه تنظيم داعش وفجره ولكن لم تكتب نهاية للمعتقلين بعد ..

سجن تدمر


فيما يتعلق بسجن صيد نايا هو سجن عسكري يقع في العاصمة دمشق وعرف أيضا بالقتل والتعذيب والإجرام كأغلب سجون النظام السوري والأفرع العسكرية، وقد شهد هذا السجن على مجزرة صيدنايا التي كانت في عام 2008، بسبب اعتصام واضراب عام قام به السجناء إثر تعدي بعض الضباط عليهم أثناء التفتيش وإهانة القرآن الكريم لتنتج عنه مشاحنة بين السجناء والعناصر ما أدى لاحقا لحدوث مجزرة، المجازر في سجون النظام كثيرة ومنها يوميا على أيدي الجزارين "السجانين" وحيث أن التقديرات تشير إلى 30 ألف شخص اعدموا او عذبوا أو جوعوا حتى الموت بين 2011_2018 بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وأنه نحو 13000 شخص اعدموا دون اللجوء للقضاء بين2011_2015 بحسب منظمة العفو الدولية.

سجن صيدنايا

وأما فرع فلسطين فرع 235 يتبع للمخابرات السورية، الفرع الذي دخل إليه أغلب المعتقلين قبل أن يتم فرزهم إلى سجني صيد نايا وتدمر أو إبقائهم فيه، الفرع الذي لا يقل إجراماً عن غيره بل يزيد، فرع شهد على تعذيب الأطفال واغتصاب النساء وقتل الرجال والشيوخ، واستخدام فنون التعذيب والتنكيل بالجثث والتي تدل على مدى وحشيتهم وساديتهم ... 

صور قيصر دليل إجرام النظام السوري.  

صور قيصر والتي تقدر بنحو 55000 صورة كلف بتصويرها عسكري من2011 حتى انشقاقه في2013، تحتوي على صور المعتقلين والجثث والتي كانت مرعبة مؤلمة، شاهدها الألاف من أهالي المعتقلين الذين كان لديهم بصيص أمل أن يروا أبنائهم  أو يعلموا أحوالهم، وكانت الفاجعة برؤيتهم بحالة لا يتحملها عقل بشر، حالة وصفت بمجرد رؤيتها مدى اجرام النظام وساديته، شهد العسكري الملقب بقيصر على ألاف الانتهاكات ووثقها وسربها، وروى عن انتهاكات لم توثق بحق جثث حرقت ونكل بها ولم تسجل بياناتها.

صور قيصر


عدد المعتقلين في سجون النظام.

بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها كشفت عن أن 154398 شخصاً معتقلاً في سوريا وبينهم 145253 لدى النظام فقط منهم نساء وأطفال ومن بين المعتقلين هناك 95696 في حالة اختفاء قسري، وذلك من عام 2011_ 2022.   وأصدر النظام نحو 20 مرسوم عفو منذ 2011 ولكنهم لم يفرجوا عن عشرات الآلاف من المعتقلين،  وأغلب الذين تم الإفراج عنهم هم من ذوي السوابق الإجرامية، والتي لا تتعلق بالمعتقلين المعارضين الذين سجنوا ظلماً.


تعد قضية المعتقلين من القضايا التي لن تنتسى ولكن لم يتم الحصول على نتيجة من كثرة الكلام بها، ورغم أن الانتهاكات التي وثقت كبيرة جداً ولكن لازال بشار الأسد مترأساً الحكم، توارث الأبن عن أبيه الإجرام وكان الشعب ولا يزال يعاني من النظام الحاكم  وحزب البعث.  

منذ بدء الثورة السورية بعام 2011 حتى اليوم قام النظام بانتهاكات لاتعد ولاتحصى وبأساليب عدة كالإعتقال، والقتل،والإعدامات الميدانية ، والقصف، والتهجير، والاغتصاب،  والقصف الكيماوي... وبلغ عدد الأشخاص الذين تم توثيق وفاتهم منذ بداية الثورة نحو 494 ألف شخص بينهم نساء وأطفال ،وهذه انتهاكات لم  تبدأ منذ الثورة وعلى زمن بشار الأسد، بل كانت على زمن الأب أيضاً حافظ الأسد والذي ارتكب أشنع المجازر والانتهاكات بحق المدنيين في الثمانينات وأشهرها مجزرة حماة والتي راح ضحيتها نحو 40000 شخصاً أغلبهم مدنيين ، حرقاً ودهساً وقصفاً  ورمياً بالرصاص... تحت تصنيف الإرهاب والتعاون مع الإخوان المسلمين.

ورغم كل ذلك مازالت بعض الدول العربية والغربية تطبع علاقتها بالنظام خاصتاً بعد أحداث الزلزال الأخيرة حيث استغلوا الكارثة  للتقارب.. وما زال المعتقلين قيد الانتظار، إما الموت أو النجاة.


من الشهادات التي وثقتها بعض الجهات الإعلامية عن أشخاص عاشوا الإعتقال وعانوا من النظام:


https://www.amnesty.org/ar/latest/campaigns/2016/08/syria-torture-prisons/



هبة الله سليمان


Post a Comment

أحدث أقدم